الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.فوائد لغوية وإعرابية: قال السمين:{وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}قوله تعالى: {وَمَا ظَنُّ} {ما} مبتدأةٌ استفهامية، و{ظنُّ} خبرُها، و{يومَ} منصوبٌ بنفس الظن، والمصدرُ مضافٌ لفاعلِه، ومفعولا الظن محذوفان، والمعنى: وأيُّ شيءٍ يَظُنُّ الذين يَفْترون يومَ القيامة أني فاعلٌ بهم أَأُنجيهم من العذاب أم أنتقمُ منهم؟وقرأ عيسى بن عمر: {وما ظَنَّ الذين} جَعَلَه فعلًا ماضيًا والموصولُ فاعلُه، و{ما} على هذه القراءة استفهاميةٌ أيضًا في محلِّ نصبٍ على المصدرِ، وقُدّمَتْ لأنَّ الاستفهامَ له صدرُ الكلام والتقدير: أيَّ ظنٍ ظنَّ المفترون، وما الاستفهاميةُ قد تَنُوب عن المصدر، ومنه قول الشاعر:وتقول: ما تَضْرب زيدًا، تريد: أيَّ ضربٍ تَضْربه. قال الزمخشري: أتى به فعلًا ماضيًا، لأنه واقعٌ لا محالةَ، فكأنه قد وقع وانقضى وهذا لا يستقيمُ هنا لأنه صار نصًا في الاستقبال لعملهِ في الظرف المستقبل وهو يومُ القيامة، وإن كان بلفظ الماضي. اهـ. .من لطائف وفوائد المفسرين: .قال في ملاك التأويل: قوله تعالى: {إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وما تكون في شأن} وقال تعالى في سورة غافر: {إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون} فأظهر هنا ما أضمر في الآية الأخرى فللسائل أن يسأل عن ذلك؟والجواب والله أعلم أن آية غافر لما تقدمها قوله تعالى: {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون} ومقصود هذه الآية تحريك الخلق للاعتبار ةالتذكير بما نصب سبحانه من الدلائل والآيات فاقتضى ذلك تكرار الظاهر كما في آية التذكير والتنبيه ثم جئ بعد هذا بقوله: {إن الله لذو فضل على الناس} فنوسب بين هذا وبين ما تقدم لتجئ هذه الآى على منهاج واحد من التذكير فاقتضت الثانية تكرير الظاهر.وأما آية يونس فإنما تقدمها تأنيس بقوله تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا...} الآية ثم رجع الكلام إلى تعنيف الكفار في تحكيمهم فقال: {قل أرأيتم ما أنزل لكم من رزق...} الآية ثم قال: {وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة} ولم يتقدم تكرير يطلب بمناسبة فلذلك ورد الكلام على ما هو الأصل من الاتيان بالضمير ليحصل به ربط الكلام فجاء كل من الموضعين على ما يقتضيه ما قبله رعيا لتناسب الكلام. اهـ..من لطائف القشيري في الآية: قال عليه الرحمة:{وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60)}هذا على جهة التهويل والتعظيم لما أسلفوه من الكذب.ثم قال: {إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} في إمهال مَنْ أجْرَم، والعصْمِة لَمِنْ لم يُجْرِمْ. اهـ..التفسير الإشاري: قال العلامة نظام الدين النيسابوري:التأويل: {أفأنت تسمع الصم} صم آذان القلوب: {أفأنت تهدي العمى} عمي أبصار البصائر: {ويوم نحشرهم} حشر العوام خروج أجسادهم من القبور إلى المحشر، وحشر الخواص خروج أرواحهم الأخروية من قبور أجسادهم الدنيوية بالسير والسلوك، وحشر الأخص خروجهم من قبور الأنانية الروحانية إلى هوية الربانية كما قال: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن} [مريم: 85] كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار لأنه لا نسبة لمدة الدنيا إلى ما بين الأزل والأبد: {يتعارفون بينهم} يعرفون تفاوت مقامات كل صنف من هؤلاء: {وإما نرينك بعض الذي نعدهم} بشرط الإيمان من نعيم الجنان ولقاء الرحمن: {أو نتوفينك} فنبلغك أقصى المراتب ومقامك المحمود: {فإلينا مرجعهم} رجوعًا اضطراريًا لا اختياريًا: {ثم الله شهيد على ما يفعلون} من خسارة الدارين: {ولكل أمة رسول} في الظاهر من الأنبياء وفي الباطن من إلهام الحق: {لكل أمة أجل} في استكمال السعادة والشقاوة: {بياتًا} أي في الأزل: {أو نهارًا} أي يظهر الآن ما قدّر لكم في الأزل: {قل أي وربي إنه لحق} أي أقسم بربك الذي يريك أن وقوع الأمور الأخروية حق لأنك عبرت على الجنة والنار ليلة المعراج ظلمت بإفساد الاستعدادات: {ألا إن لله ما في السموات} الأرواح وأرض القلوب والنفوس: {ألا إن وعد الله} لأهل السعادة ولأهل الشقاوة في الأزل: {حق هو يحيي} قلوب بعضهم بالمعرفة: {ويميت} قلوب آخرين بالجهل، أو يحيي بالنور ويميت بالظلمة، أو يحيي بصفة الجمال ويميت بصفة الجلال: {يا أيها الناس} يأ أهل النسيان: {قد جاءتكم موعظة} هي خطاب: {ألست بربكم} [الأعراف: 172] وهو داء العشق وشفاء من ذلك الداء وهو توفيق إجابة: {بلى}، {لما في الصدور} وهو القلب فإنها درة صدف الصدر وهدى عناية خاصة إذ الدعوة عامة والهداية خاصة. ورحمة اتصال إمداد الفيض إلى أن يبلغ غاية الكمال ويفوز بالوصول والوصال: {قل بفضل الله} وهو إسماع الخطاب ورحمته وهو الإبقاء على مدلول الخطاب: {فليفرحوا هو خير مما} يجمعه أهل الدنيا في دنياهم: {ما أنزل الله لكم من رزق} القلوب والأرواح فضلًا عن النفوس والأشباح من الواردات والشواهد: {فجعلتم منه حرامًا} على أنفسكم: {وحلالًا} على غيركم أي حدثت أنفسكم بأن تحصيل هذه السعادات ونيل تلك الكرامات ليس من شأننا وإنما هو من شأن الأنبياء وخواص الأولياء: {قل آلله أذن لكم} أن تعرضوا عن هذه المقامات وتحيلوها إلى غيركم وتركنوا إلى الدنيا وزخارفها: {أم على الله تفترون} بأن الدعوة اختصت بهم دوننا: {إن الله لذو فضل على الناس} بتسوية الاستعداد الفطري. اهـ..تفسير الآية رقم (61): قوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)}.مناسبة الآية لما قبلها: قال البقاعي:ولما وصف القرآن بما وصفه به من الشفاء وما معه بعد إقامة الدليل على إعجازه، وأشار إلى أن ما تدينوا به في غاية الخبط وأنه مع كونه كذبًا يقدر كل واحد على تغييره بأحسن منه لكونه غير مبني على الحكمة، وختم ذلك بتهديدهم على افتراء الكذب في شرع ما لم يأذن به مع ادعائهم أن القرآن مفترى وهم عاجزون عن معارضته، وبأنهم لم يشكروه على نعمه التي أجلّها تخصيصهم بهذا الذكر الحكيم والشرع القويم، وكان قد أكثر في ذلك كله من الأمر له صلى الله عليه وسلم بمحاجتهم: {قل لا أملك لنفسي}، {قل أرأيتم إن أتاكم عذابه}، {قل إي وربي إنه لحق}، {قل بفضل الله}- الآية، {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم}، {قل الله أذن لكم}، قال تعالى ناظرًا إلى قوله: {وما كان هذا القرآن أن يفترى} الآية، تسلية له صلى الله عليه وسلم وتقوية لهمته وزيادة في تهديدهم عطفًا على ما تقديره: فقد أنزلت إليهم على لسانك ما هو شرف لهم ونعمة عليهم وهو في غاية البعد عن مطلق الكذب فإن كل شيء منه في أحكم مواضعه وأحسنها لا يتطرق إليه الباطل بوجه وهم يقابلون نعمته بالكفر: {وما تكون} أنت: {في شأن} أي أيّ شأن كان: {وما تتلوا منه} أي من القرآن المحدث عنه في جميع هذه السورة، الذي تقدم أنهم كذبوا به من غير شبهة لهم: {من قرآن} أي قليل أو كثير: {ولا تعملون} أي كلكم طائعكم وعاصيكم، وأغرق في النفي فقال: {من عمل} صغير أو كبير: {إلا كنا} أي بما لنا من العظمة: {عليكم شهودًا} أي عاملين بإحاطة علمنا ووكالة جنودنا عمل الشاهد: {إذ تفيضون فيه} الآية إيذانًا بأنك بعيني في جميع هذه المراجعات وغيرها من شؤونك وأنا العالم بتدبيرك والقادر على نصرتك، وهي كلها من كتابي الذي تتضاءل القوى دونه وتقف الأفكار عن مجاراته لأنه حكيم لكونه من عندي فجل عن مطلق المعارضة لفظًا أو معنى فضلًا عن التغيير فضلًا عن الإتيان بما هو مثله فكيف بما هو أحسن منه، لاستقامة أمره وتناسب أحكامه كونها شفاء وهدى ورحمة، وما كان كذلك فهو من عندي قطعًا وبإذني جزمًا لأني عالم بالإفاضة فيه والانفصال عنه وجميع الأمور الواقعة منك ومنهم ومن غيرهم.ولما كان ربما ظن ظان من إفهام: {كنا} و: {شهودًا} للجنود أنه سبحانه محتاج إليهم، نفى ذلك بقوله: {وما} أي والحال أنه ما: {يعزب} أي يغيب ويخفى: {عن ربك} أي المربي لكل مخلوق بعام أفضاله ولك بخاص نعمه وأشرف نواله، وأغرق في النفي فقال: {من مثقال ذرة} أي وزن نملة صغيرة جدًا وموضع وزنها وزمانه؛ ولما كان في بمزون أهل الأرض كان تقديمها أولى فقال: {في الأرض} ولما لم يدع السياق إلى الجمع- كما سيأتي في سبأ- قال اكتفاء بالمفرد الدال على الجنس: {ولا في السماء} أي ما علا عن الأرض كائنًا ما كان.ولما كان ربما أدى الجمود بعض الأغبياء إلى أن يحمل المثقال على حقيقته ويجهل أن المراد به المبالغة، قال عاطفًا على الجملة من أولها وهو على الابتداء سواء رفعنا الراءين على قراءة حمزة ويعقوب أو نصبناهما عند الباقين: {ولا أصغر من ذلك} أي من مثقال الذرة: {ولا أكبر} ولما أتى بهذا الابتداء الشامل الحاصر، أخبر عنه بقوله: {إلا} أي لا شيء من ذلك إلا موجود: {في كتاب} أي جامع: {مبين} أي ظاهر في نفسه مظهر لكل ما فيه، وسيأتي في سبأ ما يتم به هذا المكان، وفي ذلك تهديدًا لهم وتثبيت له صلى الله عليه وسلم، ولاح بهذا أن ما بعد: {إلا} حال من الفاعل، أي ما يفعل شيئًا إلا وأنت بأعيننا فثبت أن القرآن بعلمه، فلو افتراه أحد عليه لأمكن منه؛ والإفاضة: الدخول في العمل على جهة الانصباب إليه وهو الانبساط في العمل أخذًا من فيض الإناء إذا انصب ما فيه من جوانبه، وأفضتم: تفرقتم كتفرق الماء الذي يتصبب من الإناء؛ والعزوب: ذهاب المعنى عن العلم، وضده الحضور؛ والذر: صغار النمل وهو خفيف الوزن جدًا، ومثقاله: وزنه. اهـ..القراءات والوقوف: قال العلامة النيسابوري رحمه الله:.القراءات: {شأن} بغير همز حيث كان: أبو عمرو غير شجاع والأعشى ويزيد والأصفهاني عن ورش وحمزة في الوقف: {يعزب} بالكسر حيث كان: علي. الباقون بالضم: {ولا أصغر}، {ولا أكبر} بالرفع فيهما: حمزة وخلف وسهل ويعقوب والمفضل. الآخرون بالنصب..الوقوف: {تفيضون فيه} ط {مبين} o {يحزنون} o ج لأن: {الذين} يصلح صفة: {لأولياء} ويصلح نصبًا أو رفعًا على المدح فيوقف على: {يتقون} أو مبتدأ خبره: {لهم البشرى} فلا يوقف على: {يتقون}، {وفي الآخرة} ط {لكلمات الله} ط {العظيم} o ط لأنه لو وصل لأوهم أن الضمير عائد إلى: {أولياء} وقول الأولياء لا يحزن الرسول: {قولهم} م لئلا يوهم أن قوله: {إن العزة} مقول الكفار: {جميعًا} ط {العليم} o {الأرض} ط {شركاء} ط {يخرصون} o {مبصرًا} ط {يسمعون} o {سبحانه} ط {الغني} ط {وما في الأرض} ط {بهذا} ط {ما لا تعلمون} o {لا يفلحون} o ط،: {يكفرون}. اهـ.
|